تلوثاً طبيعياً ناتجاً عن تحلل الغذاء بسبب البكتيريا
والفطـريات أو طـول فتـرة التخزين أو التعرّض للإشعاع الطبيعي أو غير ذلك من
العوامل التي قـد لا يكون الإنسان سبباً مباشراً فيها وإن كان من أسبابها البعيدة.
وقد حدثني بعض الأصدقاء أنه وُجد في مخازن جيش إحدى الدول معلبات يعود تاريخها إلى
ربع قرن.
كما وإن مـن مصادر التلوث الطبيعي الإشعاعات الناجمة عن
وجود بعض الصخـور ذات الخواصّ الإشعاعية، حيث تنتقل هـذه الإشعاعات للنباتات التي
تنتقل بدورها عبر سلسلة الغذاء إلى الحيوان والإنسان.
كما وإن بعض الجراثيم تنتقل من الخنازير إلى الخضروات، فإذا
أكلها الإنسان ابتلي بمختلف الأمراض. وقد رأيت بنفسي شخصاً ابتلي بذلك مما سبب
وفاته ولم ينفعه الذهاب حتى إلى المستشفيات الغربية لعلاجه، فرجع إلى العراق ومات
بعد مدة من الزمن.
2 ـ وقد يكون تلوثاً غير طبيعي، وينجم أساساً
عن تصرّفات الإنسان، سواء كان التلوث عن عمد لأجل الحصول على الأرباح أو غير عمد ؛
ومن أبرز صور هذا التلوث، التلوث الكيماوي للأغذية.
والتلوث الغذائي عبارة عـن احتواء المواد الغذائية على
جراثيم مسببة للأمراض أو مواد كيماوية أو طبيعية أو مشعّة، تؤدّي إلى حلول تسمّم
غذائي بسبب الأمراض الحادّة الخاصّة في المعدة أو الأمعاء.
وهذه الأمراض في الأصل من الأغذية الملوثة ببعض العوامل
الجرثومية أو السموم قبل استهلاكها من قِبَل الإنسان.
وقد حدّثني بعض مـن أثق به أن دولة أجنبيّة قامت بتصدير
كمية من اللحوم الفاسدة إلى دولة الإسلامية مقابل تخفيض السعر مليون دولار. وقد
رفض رابط تلك الدولة الموافقة علـى الصفقة، واستقال مـن منصبه نتيجة الضغط، وعُيّن
آخر مكانـه. وكان أول عمل قـام به الموظف الجديد هو الموافقة على صفقة اللحوم
الفاسدة.
ويعتبر التلوث البكتيري أشهـر أنواع التلوث الطبيعي للغذاء
وأكثرها شيوعاً، وتساهم الحشرات المنـزلية كالذباب والصراصير والفئران وما أشبه
ذلك في نقل الجراثيم المسببة لهذا التلوث، كما أن المياه والأغذية الملوثة تنقل
البكتيريا المسببة للأمراض. وهذه البكتيريات تفسد الحليب والألبان بصورة عامة،
وتقضي علـى عصير الفواكه والزبد والزيـوت والدهون ومنتجات الفطائر المحتوية على
نسبة مرتفعة منها.
وهناك نوع من البكتيريا غير الهوائية تنمو في الأغذية
المعلّبة غير الحمضية كاللحوم والخضروات، وهـي تنتج غازاً يؤدي إلـى انتفاخ العلب،
كما تتسبب في ظهور رائحة غير مرغوبة فيها.
ومحتويات العلبة والبكتيريا المفسدة للغذاء على نوعين:
1 ـ قد يكون له رائحة كريهة يتمكن الإنسان
من الكشف عنه.
2 ـ وقـد لا يكون له رائحة كريهـة، الأمر
الذي يصعب تشخيص فساده.
ومـن الملوثات الجرثومية بكتيريا (السالمونيـلا) وهي
بكتيريا واسعة الانتشار مسببة العديد من الأمراض، فهي السبب فـي مرض حمّى
التيفوئيد، وكما وإنّ أضرارها لا تقتصر على الإنسان وحده بل تمتد لتشمل الحيوانات
الاقتصادية حيث تسبب لها التهابات معويّة. كما تؤدي إلى هلاك جماعي في الدواجن،
ويزيد من خطورة هـذه البكتيريا تعدّد أنواعها، فهي كما يقول الأطباء تربو علـى
ألفي نوع، والعلـم بكل وسائله الحديثة لا يتمكن من السيطرة على انتشار هذه
البكتيريا ووقف آثارها الممرضة كلياً.
ومـن أهـم مصادر هذه البكتيريا الأبقار والدواجن حيث تستوطن
أمعاءها وأنسجتها، كما ينتشر بعض أنواعها في الكعك والفطائر، وحتى لو جفّفناها وجمّدناها
وما أشبه ذلك فلا تتوقف أضرار هذه البكتيريا.
وهناك أنواع من هذه البكتيريا تسبب الوفاة في بعض الحالات،
وتنتشر هذه البكتيريا فـي الأطعمة غير محكمة التغليف وفي المعلبات واللحوم
المقدّدة وغيرها.
ثم إن التلوث الكيماوي للغذاء يكون بالتراكم والتكاثر في
الخلايا الحية حيث يزداد تركيز الملوثات الكيماوية خلال مرورها عبر السلاسل
الغذائية. وذلك يسبب حدوث إصابات بأنواع شتى من السرطان نتيجة تناول الإنسان مواد
غذائية ملوثة بالكيماويات والمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق وما أشبه ذلك.
وقـد أصبحت مشكلة التلوث الكيماوي للغذاء مشكلة عالمية،
فبدلاً من أن يمدّنا الغذاء بالطاقة التي تعمل بها خلايا أبداننا حتى يستطيع الجسم
أداء وظائفه على أكمل وجه، وحتى نستطيع التحرك من مكان إلى مكان آخر، وحتى تتجدّد
الخلايا التالفة، وحتى نكون في صحة جيدة وتفكير سليم، بدلاً مـن ذلك كلّه أصبحت المواد
الغذائية فـي كثير من البلدان سبباً للكثير من الأمراض والعلل.
وفي الكثير من الموارد تضيف الشركات مواد كيماوية للطعام
والشراب مـن أجل إعطائه نكهة جيدة أو لوناً جيداً أو رائحة طيّبة، بينما ضرر هذه
المواد الغذائية أكثر من نفعها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق